لقاء .. قصة قصيرة
بقلم محمد مليك تونس
لقاء
قصة قصيرة بقلم محمد مليك
قصة قصيرة بقلم محمد مليك
سهر يسترد ذكرياته معها..تحوم بطيفها حوله فيحوم حولها..يغازلها ويردد صدى العقل صوتها. يناجيها.كم كان يعشق سمرها مع أنه لم يقابلها. هي مجرد طيف وصوت وصورة ظل يختنزنها فى اعماقه ويتيه برهة ..يبتسم يشعل سيجارته وينفث دخانها ثم يلاحقه بعينيه ليراود خيالها.لم ينم ليتها.طال غيابها..لايعلم شيئا عن أخبارها.كانت قد حدثته يوما عن قرب سفرها.ملعونة شبكة الهاتف تقف حاجزا بينه وبينها.يعتصره الحنين إلى سمعاها.يشتاقها.حلق بخياله عباب السماء..إعتلى..طار..عانق الفضاء.ثم إنتفض كمن أفاق من سكرته..وقد أدمن خمرها.. ويحدث نفسه ... لا بد من سفرة هو يوم أو يومان ثم يرجع..كانت تخامره الفكرة.لابد من اتخاذ قرار..لن ينتظر أكثر فضول يدفعه نحو المجهول.يتمنى أن يستنشق نسيم موطنها.أن ينزل قريتها وتجوب قدميه طرقاتها وأزقتها..وقد تحمل نسائم الربوع والحقول عطرها.إمتطى الحافلة..كان واجما صامتا..يفكر...والحافلة تطوي المسافات والوقت يطوي اللحظات ومن هنا وهناك تسلل إلى سمعه بعض النوادر أو الضحكات التي يتداولها الركاب..أو بعض الأغاني البدوية المستوحات من عمق الواحة.لا يذكر كم مر من وقت والحافلة تلتهم الطريق.الرحلة طويلة..والفتاة التي تجلس بجانبه على المقعد الذي حذوه تبدو مرهقة تمسك كتابا بين يديها تفتحه أحينا لتقرأ جملة أو أقل من الصفحة وسرعان ماتغلقه كأن شيئا ما يرهق فكرها..يسترق النظر إليها يتمنى بداخله أن يحاثدها...كم طالت السفرة..يبدو مضطربا وأصابعه تفتت التذكرة...أخرج هاتفه بحث في الأسماء المسجلة..ودون وعي كتب رسالة يلومها عن غيابها..ثم سرعان ما مسحها.ثم كتب إسمها ولم يحرك ساكنا ظل ممسكا بالهاتف في حالة شرود وذهول..مرت الدقائق وهو كمن فقد القدرة على الحركة..وأعتلت ووجه الحيرة..ماذا لو أعاد الإتصال بها..قد تسمعه ويسعفه الحظ بسماع صوتها..الفتاة التي بجانبه هي أيضا تمسك هاتفها وتتصل بأهلها تحادثهم تبدو منشرحة..كأنها قد إستعادت بسمتها..أو أنها مبتهجة لشيء داخلها..تبادلا النظرات..نظرات صامتة مشتعلة..ماذا لو بعد أن تنهي مكالمتها..يتجرأ ويسألها أو حتى بالحديث يشغلها.قد تؤنس وحدته وتكون رفيقة سفرته ويعرف منها مالا يعرفه عن المجهول الذي ينتظره..وسرعان ما يغض ببصره عنها ..يمسك بهاتفه لا بد من الجرأة ليتحرر من تذبذبه..وأخيرا طلبها وسرعان ما جاء الرد الذي طالما لم يتمناه محادثكم مشغول بمكالمة ثانية..زعزعت ما بداخله..رفع عينيه لتلك اللامبالية كأنه يخبئ خيبته فبادرته بابتسامتها خجولة وهي تزل تتكلم عبر هاتفها..ابتسامة فيها كثير من اللطف لتقول له حاول من جديد وتبعث فيه بعض من أمل..إتصل ثانية وفي نفس اللحظة رن هاتف الفتاة التي تحاذيه..لم يتكلم ظل صامتا وهي لم تسمع لمكالمتها أي صوت..هي تحاول أن تتصل وهو يجدد طلبه ولا شيء يمر..تبا لهذه الشبكة..ثم ٱطلق زفرة ولم يكد يسترجع نفسه حتى رن هاتفه إنها ليلى طار قلبه والفتاة التي بجانبه تهمس ألو حبيبي ويرد هو ألو ليلى..ويخيم السكون وتشتعل النظرات من تحت العيون..تلعثمت الألسن وضاع منها الكلام..ألو متكررة ثنائية هذه المرة..هو وهي على بعد حضن..على قيد قبلة..إحتضنها وأغمضا عينيهما وأكملا السفرة
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق